ا.سكـاك مـراد
أستاذ مساعد
كلية العلوم الاقتصادية و علوم التسيير
جامعة فرحات عباس سطيف الجزائر
sek_mourad@yahoo.frملخص
الهدف من وراء هذه المقالة هو إبراز مدى أهمية التدقيق الاجتماعي كوسيلة تطبيقية، إستراتيجية و علمية في التحكم في مجال جد خاص من مجالات التسيير و الذي يتميز على وجه الخصوص بالطابع النوعي للمعلومات، ألا هو مجال تسيير الموارد البشرية.
بالفعل و من اجل مواجهة التغيرات السريعة التي تحدث في هذا الميدان بنجاح ، لابد من وضع بين أيدي المسيرين وسيلة فعالة و موضوعية لتقييم و تقدير الوضعية الاجتماعية و التي بإمكانها أن تكون كدعامة لهم من خلال تقديم التوصيات و اتخاذ الإجراءات التصحيحية اللازمة لمعالجة الوضعيات في الوقت المناسب. و لما لا تكون كوسيلة تنبؤ و اندماج استراتيجي .
Résumé
L’objet de cet article est de mettre en évidence l’intérêt de l’Audit Social comme un outil pratique, stratégique, et scientifique de maîtrise d’un domaine très spécifique par son caractère qualitatif des informations qui est la gestion des ressources humaines.
Effectivement, pour faire face avec succès aux changements, les dirigeants ont besoin d’un instrument efficace, objectif d’appréciation et d’évaluation de la situation sociale qui peut leur apporter des recommandations ou des mesures correctives au temps opportun , et pourquoi pas un instrument de prévision et d’intégration stratégique .
Une attention particulière sera portée sur la présentation de la méthodologie utilisée par les auditeurs sociaux dite rigoureuse, qui s’appuie sur des techniques relevant des sciences humaines.
L’utilisation de cet outil par les entreprises Algériennes va leur permettrent une maîtrise de la gestion des ressources humaines dans un contexte de changement radical de l’économie nationale.
سوف يتم التركيز على عرض المنهجية الصارمة التي يستعملها المدققين الاجتماعين و التي تعتمد بالأساس على تقنيات المنهج العلمي لبحث في مجال العلوم الإنسانية .
إن استعمال هذه الوسيلة الحديثة من طرف المؤسسات الجزائرية سيسمح لها دون شك من التحكم في تسيير مواردها البشرية في الظل التحولات الجذرية للاقتصاد الوطني .
مقدمة:
من اجل مواكبة التغيرات السريعة التي تحدث بسب العولمة ،هذه الظاهرة التي تتسم بالشمولية لجميع المجالات خاصة منها التأثيرات المتعلقة بالمجال الاقتصادي و مجال المنافسة الخارجية وعلى وجه الخصوص على نوعية المنتوجات و المقدرة التنافسية للمؤسسات .و لضمان هذه المقدرة التنافسية تجرى العديد من البحوث من طرف الباحثين و المحترفين في كل ميادين وأنشطة تسيير المؤسسة منها التنظيم ، الإنتاج ، التسويق ، التخطيط ، الرقابة و تسيير الموارد البشرية ، من اجل إيجاد وسائل و تقنيات جديدة في التسيير، القيادة و الرقابة لوضع أساليب جديدة بين أيدي المسيرين لتحسين كفاءتهم و تنمية قدراتهم القيادية من خلال استخدام التدريب السلوكي أو اللجوء إلى استخدام النماذج التحليلية الحديثة لمساعدة المسير في اختيار أسلوب القيادة المناسب¹ .
زيادة على ذلك ، تشكل الموارد البشرية خاصية تنافسية هامة بالنسبة للمؤسسات لأنها تعتبر من الموارد القابلة للتعبئة وهي عامل أساسي من العوامل التي تتحكم في جودة المنتوجات أي أن وظيفة تسيير الموارد البشرية تعتبر من الوظائف الإستراتجية والاندماجية ضمن التخطيط الاستراتيجي للمؤسسة.
بناءا على كل ما سبق ، و بالنضر إلى ما حققه التدقيق في المجال المالي و المحاسبي من نتائج أبهرت الباحثين والمهنيين فقد عمدوا إلى تكثيف البحث الدائم والمستمر من اجل إدخال تقنياته في المجال الاجتماعي، هذا المجال الذي كما نعرف أنه من المجالات المهمة بالنسبة للمؤسسة و هو في نفس الوقت يتميز بتعقيد كبير بالنظر إلا أنه يعتمد على عوامل أكثر منها نوعية يصعب في بعض الحالات تحويلها إلى أرقام قياسية ومن اجل تجاوز كل هذه الصعوبات يظهر التدقيق الاجتماعي بتقنيات منهجية صارمة و متميزة مستمدة أساسا من المنهج العلمي للبحث في مجال العلوم الإنسانية حيث أصبح يتدخل من جهة في اتخاذ القرارات الإستراتجية و من جهة أخرى في التوفيق بين الحاجيات الاقتصادية و الاجتماعية و الإنسانية للفرد و المنظمة أي بناء منهج استراتيجي متناسق² .
من خلال هذا العمل سوف أحاول أن أسلط الضوء على الجانب التطبيقي للتدقيق الاجتماعي و كيف يساهم في رفع فاعلية المنظمات وتحسين أداء مواردها البشرية ودمجها ضمن الإستراتجية الشاملة للمؤسسة و مدى تقارب منهجه مع المنهج العلمي للبحث في مجال العلوم الإنسانية باستعمال المنهج الاستقرائي الاستنتاجي .
1.تعريف و تطور التدقيق الاجتماعي
1.1ظهور التدقيق الاجتماعي
إن تطور الاهتمام بتكييف تقنيات التدقيق مع الخصوصيات و المشاكل المتعلقة بالجانب الاجتماعي لنشاط المؤسسة استلزم أبحاث ، دراسات ، تجارب متعددة و متكررة مما أدى إلى إمكانية اقتراح أسلوب وسائل مختلفة للتدقيق الاجتماعي ، كما أن المكانة المرموقة التي حظي بها الجانب الاجتماعي من طرف المسيرين ناتج عن تلك الضغوطات الداخلية والخارجية من جهة و تكون قناعة لدي المشرفين بأن العنصر البشري له دور كبير في رفع الإنتاجية من جهة أخرى. .
انطلاقا من بروز أهمية التدقيق الاجتماعي في الوقت الراهن بما له من أثر على تنمية الموارد البشرية و تحسين نوعية الخدمات التي تقدمها في الاستخدام الأمثل لهذه الطاقة نظرا لتأثيره على:
- البعد الاجتماعي في عمليات تسيير المؤسسات .
الدفعة القوية التي منحت للتدقيق في باقي المجالات و استعمال التقنيات ذات الفاعلية الفائقة و المنهجية الصارمة التي ضمنت نجاحه .
- الزامية دمج المتغيرات المتعلقة بتسيير الافراد عند عمليات التخطيط الاستراتيجي.
إن ظهور التدقيق الاجتماعي كضرورة حتمية ناتج عن التطور الذي شهده التدقيق في المجال المالي و المحاسبي ونظرا لمدى مصداقية نتائجه ودوره في رفع فعالية التسيير وكذا في علاج الاختلالات التي تظهر فقد برز التدقيق في مرحلة جد متقدمة من التاريخ في العهود الأولى للرومان غير أن التدقيق الاجتماعي لم يظهر للوجود إلا في منتصف سنوات الستينيات من القرن العشرين.
أما في ما يخص التطبيقات الأولى للتدقيق الاجتماعي كمنهج عملي فقد كانت مع سنوات الثمانينات و شهد تطور ملحوظ خلال سنوات التسعينيات حيث تم وضع إجراءات خاصة بإثبات المدققين الاجتماعين من خلال شهادات (ISO 9002) في سنة ³1994.
2.1 تعريفه
أطلق على التدقيق الاجتماعي عدة تسميات ، فهناك من أطلق عليه تدقيق الأفراد ، تدقيق تسيير الموارد البشرية و التدقيق الاجتماعي الذي يعد الأكثر استعمالا ، اختلاف تسميات يرجعه البعض إلى تعدد المصطلحات الخاصة بالوظيفة لكن البعض الآخر يرجعه إلى المفاهيم و الخصائص التي تميز التدقيق الاجتماعي على باقي مجالات التدقيق .
حسب P.CANDAU يعتبر التدقيق عملية مستمرة و دائمة لمعاينة الوضعيات داخل المؤسسات للكشف عن نقاط القوة و نقاط الضعف باستعمال منهجية و تشخيص عام للمؤسسة لتقديم التوصيات لتصحيح الوضعيات المشخصة و يعرفه على انه » ذلك المسعى الموضوعي و الاستقرائي من خلال الملاحظة ، التحليل ، التقييم و تقديم التوصيات بالاعتماد على منهجية و باستعمال تقنيات تسمح بالكشف عن نقاط القوة و نقاط الضعف بالمقارنة مع المرجعيات المحددة بوضوح ، و مثله مثل التدقيق المالي و المحاسبي يحاول أن يقدر ما مدى إمكانية المؤسسة في التحكم في المشكلات الاجتماعية .لذلك فهو يعتبر وسيلة تسيير و إدارة «4 .
كما يعرفه JEAN-MARIE PERETTI على انه» عملية الفحص الاحترافي لإبداء أراء حول مشاركة العنصر البشري في تحقيق الأهداف المسطرة بالاعتماد على المرجعيات المتعلقة بالموضوع و تقديم التوصيات اللازمة لتحسين نوعية تسيير الموارد البشري5« .
مما مسبق يمكن أن نعرف التدقيق الاجتماعي على انه تلك الوسيلة المنهجية الصارمة للتشخيص الاستراتيجي للوضعية الاجتماعية للمنظمات التي يتبعها شخص مستقل للكشف على نقاط القوة و نقاط الضعف في شكل اختلالات و انحرافات بالمقارنة مع مرجعيات أساسية لتحسين فاعلية المؤسسات و قدرتها على التكيف مع التغيرات التي تحدث، بواسطة توصيات موضوعية مستمدة من معطيات حقيقة وصادقة .
من خلال هذه التعاريف يمكننا استخراج مجموعة العناصر التي تعتبر كمؤشرات هامة بالنسبة للمنهجية الصارمة لعملية التدقيق الاجتماعي و المتمثلة في :
-جمع المعلومات من المصادر المتاحة داخل و خارج المؤسسة.
- تحليلها بالاعتماد على المرجعيات والمعايير وفق تشخيص دقيق للأسباب .
- استخراج الاختلالات و الانحرافات .
- تقديم الاقتراحات والتوصيات لتصحيح الانحرافات .
و هو ما سوف يتم التعرض له بالتفصيل في الفقرة المتعلقة بالمنهج التطبيقي للتدقيق الاجتماعي.
2.أهداف و ميدان التدقيق الاجتماعي
قبل التعرض إلى أهداف التدقيق الاجتماعي و مجالات تدخله كان من الضروري توضيح بعض الخصوصيات التي يتميز بهذا المجال عن باقي المجلات المتعلقة بالرقابة و التسيير.
1.2- خصوصيات التدقيق الاجتماعي
إن أهم الخصوصيات التي تميز وظيفة تسيير الموارد البشرية و المتمثلة أساسا في توسع و تشعب أنشطتها ومهامها ، تعدد المعلومات المتعلقة بها و تميزها بالطابع النوعي ، جزئيتها ، كما تعتبر في بعض الأحيان غير دقيقة وصعبة للحصول عليها نظرا للامتزاج والتداخل الكبير بين مجالات العلوم فيه وارتباطها بالجوانب السيكولوجية للأفراد،تنعكس على التدقيق الاجتماعي و تجعله ذو خصوصيات معينة ف التشخيص والمنهجية صارمة للتمييز بين السبب و النتيجة لأن هنالك تشابكا بينهما فالنتيجة قد تكون سببا لظاهرة أخرى ، كما أنه يمكن لنتيجة معينة أن يشترك فيها العديد من الأسباب و قد يؤدي سبب واحد إلى ظهور عدة نتائج ، لذلك و قبل فرض الفرضيات المسبقة لابد من إجراء تحليل موضوعي للظواهر، فمثلا لو أخذنا ظاهرة التغيب فقد ترجع إلى عدم رضي العمال أو سوء الظروف أو أجور غير عادلة أو توقيت عمل غير مناسب و التغيب بدوره يساهم في رفع معدلات الملفات التأديبية أو وجود صراعات بين العمال و المسؤولين فهو نتيجة و سبب في آن واحد لذلك فهذا يستلزم تدقيق صارم موضوعي ممارس من طرف أشخاص ذوي كفاءة عالية 6.
كما إن الترابط بين الأنشطة التي تمارسها وظيفة تسيير الموارد البشرية كالتوظيف ، التعيين ، التكوين ، الأجور، تحليل و تصنيف العمل … الخ يقود إلى أن قرار غير صائب في مجال ما يؤدي إلى انعكاسات و تأثيرات على بقية الأنشطة ، كمثال على ذلك وضع فرد في مكان غير مناسب يترتب عنه عدم رضا الفرد ذاته و يمكن أن يمتد إلى أفراد آخرين و بالتالي إلى التبذير للطاقات و الأجور … الخ.
أخيرا إن التعقيد في الأمور الداخلية يزداد خطورة إذا ما تدعم بتعقيدات خارجية، فالعوامل الداخلية من ظروف العمل السائدة، توزيع أوقات العمل، النقابات العمالية، العمال، أرباب العمل … الخ. وهنالك تأثير لعوامل خارجية كالسلطات الحكومية، الزبائن، الموردون، المنافسة، الجمعيات المهنية و البيئة … الخ.
إضافة إلى كل ما سبق يتميز التدقيق الاجتماعي بخصوصيات منهجية تندرج ضمن الطابع المنهجي للبحث العلمي المستعمل في العلوم الاجتماعية لتحويل المعطيات النوعية إلى كمية ، كما يرتكز على الطرق الإحصائية البيانية ، تقنيات صبر الآراء و التحقيقات الشاملة لاستخراج الانطباعات و الآراء الخاصة بالأفراد .
كل هذه العوامل الداخلية و الخارجية يجب أن تأخذ في الحسبان في عمليات التشخيص الداخلي والخارجي الخاصة بالتدقيق فذلك يفرض أهداف، منهجية و طرق تدخل خاصة بالتدقيق الاجتماعي.
2.2. أهداف التدقيق الاجتماعي
بصفة عامة يهدف التدقيق الاجتماعي إلى مد المسريين إثناء التنفيذ الفعال لمهامهم بالمعلومات الخاصة بتحليل، تقييم و التوصيات المتعلقة بنشاطات تسيير الموارد البشرية و يضمن لهم التحكم في العناصر الأساسية للمرونة و المتمثلة في التكيف ، التدريب و التوقع أو ما يسمى بالتاءات الثلاث 7 للمرونة اللازمة للتأثير على العامل البشري داخل المنظمة ، حيث أن الإشكال المطروح ليس على مستوى مدى توفر الوسائل المادية و التكنولوجية المتطورة و لكن في الأفراد الذين يجب أن تكون لهم معرفة للتعامل مع هذه التكنولوجية الحديثة.
يهدف التدقيق الاجتماعي إلى الفحص النقدي للإحداث و الظروف التي وقعت بسببها وقياسها فهو عمل تحليلي بحت ، وهدفه في الأمد قصير يتمثل في إعطاء شهادة بصحة و سلامة القوائم و المعلومات التي تقدمها المؤسسة و إبداء رأي موضوعي حولها ، و كأهداف طويلة و متوسطة الأجل فهي تقديم الدعم لاتخاذ القرارات الإستراتجية المستقبلية للمؤسسة و بالتالي يصبح التدقيق كوسيلة من وسائل القيادة و المنظمة تعتمد على النتائج التي يتوصل إليها في إعداد السياسات و المناهج المتعلقة بتسيير الأفراد إلى جانب العوامل الاقتصادية والمالية، فهو يساعد على رفع مستوى الأداء بتحقيق الاندماج للأهداف الاجتماعية مع الإستراتيجية الشاملة للمؤسسة .
بصفة عامة مثل أهداف التدقيق في باقي المجالات ، التدقيق الاجتماعي يهدف هو الآخر إلى رفع فاعلية أداء الأفراد من خلال دراسة الحالة الاجتماعية للمؤسسة لتحديد العقبات و العراقيل و الانحرافات باستعمال وسائل فعالة للبحث عن الأسباب الحقيقية و تقديم الاقتراحات للقضاء على الاختلالات و الانحرافات وهو يستجيب لعدة أهداف أهمها:
- فإذا كان التدقيق بمفهومه الكلاسيكي يخص عمليات الفحص و التحليل و التصديق أي عملية الرقابة البعدية يمكن أن تكون له أهداف خاصة بالتحكم في التسيير التنبؤي والمشاركة في الدراسات السابقة للآثار المترتبة عن القرارات الإستراتجية التي تنوي المنظمة اتخاذها .
- القيام بالمعاينة الدقيقة لتحصيل المعلومات الصادقة حول مجال الأهداف الخاصة بالأفراد كالتوظيف من خلال وضع الفرد المناسب في المكان المناسب، رفع الروح المعنوية بتحسين ظروف العمل و الأجور العادلة.
- إذا كانت هذه العملية نابعة من إرادة المسؤولين تكون نتائجها مضمونة نوعا ما وتكون هناك متابعة دائمة لتنفيذ التوصيات و الحلول المقدمة نظرا لتوفر الإرادة من أجل القضاء على الظواهر السلبية المشخصة و تحسين الظروف لرفع الأداء و الإنتاجية لدى الأفراد .
- تسيير عقلاني للأفراد باستعمال أدوات كمية في مجالات نوعية .
- التشخيص الدقيق للأسباب للوصول إلى النتائج الصادقة.
- التحكم الأمثل في التكاليف الاجتماعية المباشرة منها و غير مباشرة .
- التنبؤ السريع و في الوقت المناسب بالأخطار لتفادي التعقيدات التي قد تحدث من جراء التأخر في علاجها.
- يستعمل التدقيق كذلك في المفاوضات مع المتعاملين حيث بمجرد اطلاع المفاوض على تقارير التدقيق الاجتماعي بإمكانه أخذ نظرة عن الوضعية الاجتماعية للمؤسسة .
- يستعمل كذلك خلال عملية الاندماج بين الشركات.
- يستعمل من طرف طاقم جديد لمعرفة الحقائق للتمكن من تحديد الأهداف بالاعتماد على الأولويات بدراسة الانحرافات و النتائج المترتبة عن بعض القرارات المتعلقة بالمجال الاجتماعي.
فهو بالتالي يظهر كامتداد طبيعي و كمكمل ضروري للتدقيق المالي و المحاسبي بالاندماج تحت لواء عائلة واحدة وهي عائلة التدقيق .
3.2. مجالات تدخل التدقيق الاجتماعي
يتميز مجال تطبيق التدقيق الاجتماعي بالتوسع لان وجود الفرد داخل المؤسسة لا يمكن أن يفصل عن جوانبه الاجتماعية السيكولوجية لذلك يمكن القول بأن مجال تدخل التدقيق الاجتماعي هي جميع الأماكن التي يتواجد فيها الفرد العامل داخل المنظمة، التنوع في المجالات التي يتدخل فيها على حسب تنوع أنشطة تسيير الموارد البشرية، فيمكن إن يطبق على وظيفة تسيير الموارد البشرية كاملة أو يطبق على وظيفة فرعية أو ظاهرة خاصة أو نشاط يخصها كالاستقطاب ، التوظيف ، التكويـن ، التخطيط ، التهيئة ،الأجور ،والمكافآت ،العلاقات الإنسانية القيادة و الإشراف تحليل و تصميم العمل، التغيب ودوران العمل، ظروف العمل ، حوادث العمل ،الحوافز بجميع إشكالها ، المشـاركة ، الاتصال، الجو العام ، الإسراف والتبديد و الإعمال التخريبية المتعمدة ........الخ.
إن الاختلاف الرئيسي بين تطبيق التدقيق المالي و المحاسبي و التدقيق الاجتماعي يتم الحكم عليه باستعمال معيار ميدان تدخل كل منهما وكذا تطبيقهما بصفة منفصلة عن بعضهما البعض لكن لابد أن يكون الهدف من ورائهما هو البحث عن الطرق السليمة لبلوغ الفعالية في التسيير لتحسين وضعية المؤسسة داخليا و خارجيا أي إنهما مكملان لبعضهما البعض و يمكن أن نميز ثلاثة مستويات يمكن أن تحدد لممارسة التدقيق الاجتماعي وهي :
أولا: المستوى الوظيفي الإداري هذا المستوى يخص التدقيق الخاص بالتسيير الوظيفي اليومي و الهدف منه هو تفادي الأخطار من خلال الوصول إلى نتائج وتوصيات فورية عاجلة فهو تدقيق قصير الأجل حيث يمس فحص المعلومات المتاحة عن طريق اختبار مصداقيتها وطرق تحليلها و مصادرها… الخ.
كما يدرس مدى مطابقة الإجراءات المتبعة من طرف المنظمات للأنظمة والتشريعات السارية المفعول بالمؤسسـة أو ما يعرف ب « L’audit de conformité ».
و يتدخل في عمليات انسياب المعلومات و نشرها للإعلام و طرق الاتصال داخل المؤسسة و مسك السجلات الإلزامية.
ثانيا: مستوى التسيير الإجرائي
يقع في المنتصف ما بين التدقيق الوظيفي و التدقيق القيادي يلعب دور هام في السهر على احترام تطبيق الإجراءات في مجال تسيير الموارد البشرية و متابعة السياسات و الإجراءات في المدى المتوسط و الطويل كما يسهر على مدى تطبيق التوصيات التي يتوصل إليها التدقيق الوظيفي .
يقوم بمراقبة وضع البرامج الاجتماعية حيز التنفيذ و معرفة صحة تطبيق الإجراءات الاجتماعية و مدى ملائمتها مع الأهداف المسطرة ودرجة قدرة الأفراد للوصول إلى النتائج المحددة .
يسهر التدقيق الإجرائي على إيجاد حركية و ديناميكية لوظيفة تسيير الموارد البشرية في تحقيق القيادة المثلى من خلال قياس التأثيرات الممكنة و تقييم آثارها على المؤسسة فهو حقا يشكل تدقيق الفعالية الاجتماعية للمؤسسة .. « L’audit de l’efficacité »
ثالثا : المستوى الاستراتيجي القيادي
يهدف إلى المساهمة في وضع السياسات في المجال الاجتماعي وفي تحديد البرامج المتوسطة و الطويلة المدى كما يسمح بالاندماج ضمن مراحل التخطيط العام للمؤسسة « L’audit de direction stratégique ».8
تجدر الإشارة أن التقسيم المستويات المختلفة لتدخل التدقيق الاجتماعي ما هو إلا تقسيم علمي منهجي للتدريس ، ففي الواقع يبحث المدقق على الثلاث مستويات معا حتى يتمكن من تحديد الاختلالات و الانحرافات الممكنة لكل لجميع أنشطة تسيير الموارد البشرية .
شكل يوضح المستويات الثلاث للتدقيق Candau. p (1994) P56
مستوى النشاط التحقيق و الفحص
الإداري الوظيفي - تفحص من الأرقام
- المطابقة الشرعية
التسييري - مدى تطبيق الإجراءات الموجودة - مدى تناسق الإجراءات مع : السياسات و الإجراءات
- مدى ملائمة الإجراءات مع الأهداف
الاستراتيجي - تحديد الأهداف تناسقها الداخلي
- تنظيم و نوعية الأفراد و كميتهم
- إدماج الأهداف الخاصة بالأفراد مع الأهداف العامة بالنظر إلى الإمكانيات الداخلية و الخارجية للمؤسسة
3.المنهج التطبيقي للتدقيق الاجتماعي
يعتبر التدقيق الاجتماعي كتتابع منطقي و منظم لمجموعة من المراحل يتبع من خلاله المدقق منهجية عمل صارمة و واضحة المعالم تسمح له بتحويل العناصر النوعية إلى عناصر كمية يمكن قياسها لإيجاد تنظيم أكثر فاعلية للمهام و الأعمال الموكلة إليه ، لأن ذلك يسمح للمدقق بتجميع المعطيات و تحليلها ، التعليق عليها ، تقييمها و تحرير التقرير النهائي الذي يحتوي على التوصيات اللازمة من اجل معالجة نقاط الضعف و تدعيم نقاط القوة.
إن استعمال منهجية صارمة و تقديم التوصيات اللازمة سيلزم استعمال تقنيات ، مؤشرات و مرجعيات خاصة، من اجل إيجاد المعايير المستعملة للتفرقة بين الظواهر ذات الأهمية الكبرى عن تلك الظواهر التي تعتبر ثانوية حتى تسهل مهمة المدقق في الاستعمال الأمثل للوقت و الجهد .
التدقيق عبارة عن أسلوب استنتاجي و استدلالي و أية منهجية يستعملها المدقق الاجتماعي تنطلق من حوادث واقعية يصدر عليها أحكاما من خلال التحليل، يعلق عليها و يعطيها تقييم معين يؤدي إلى توصيات .
أما المنهجية فتسمح للمدقق الاجتماعي من وضع مختلف الفرضيات التي تفسر الظاهرة والأسباب المتعلقة بالمعضلات التي يتم تأكيدها أو نفيها من خلال عمليات التشخيص ،و بإعطاء المعلومات و النتائج على شكل منظم ومنطقي كما هو مبين أدناه:
هنالك بعض المحترفين الممارسين للتدقيق الاجتماعي يطلقون على هذه المراحل بمراحل مهمة التدقيقla Mission de L’audit.9. و يقسمونها إلى ما يلي:
- تحديد الهدف الأساسي من المهمة .
- تجميع المعلومات اللازمة للمهمة .
- تعيين الأفراد الواجب مقابلتهم .
- زيارة المقرات و الورشات .
- التحقق من احترام الإجراءات .
- مقارنة ذلك بالمؤشرات و المعايير .
- كشف الانحرافات و النقائص .
- تحرير تقرير التدقيق و تقديم الاقتراحات و التوصيات.
فما هي يا ترى هذه المنهجية و ماهي الوسائل التي يستعملها المدقق الاجتماعي ؟
1.3 التشخيص الأولي
توافق مرحلة جمع البيانات و المعلومات حول المشكلة محل البحث في منهجية البحث العلمي.
المرحلة الأولى من مراحل التدقيق تهتم أساسا بالتعرف على المحددات الأساسية للسياسة العامة للمنظمة في مجال تسيير الموارد البشرية و تخص الخصائص المتعلقة بالبيئة الداخلية و الخارجية من معلومات عامة، تاريخية، الفنية، التجارية، الاقتصادية، المالية، المحاسبية و الاجتماعية.
تكمن أهمية التحقيق الأولي في أن المدقق الاجتماعي يعتمد عليها في رسم الإطار الشامل لمهمته مجالات تدخله و المؤشرات الواجب استعمالها لقياس الانحرافات و ترتيبها حسب درجة خطورتها حتى يتم تحديد الأهداف الأساسية.
أن الخيارات و النتائج المتوصل إليها من طرف مسؤولي المنظمة ليست وليدة اليوم بل لها ارتباطات في الماضي و بالعوامل الداخلية و الخارجية للمنظمة ، لذلك وجب على المدقق القيام بعمل علمي يعتمد على التعريف بها من حيث تطورها التاريخي و الخصائص الاقتصادية ، الاجتماعية ، التكنولوجية ، التجارية و المالية للمؤسسة.
يقوم المدقق بجمع المعلومات للازمة من جميع المصادر المتاحة لديه و التي يمكن تلخيصها في مايلي :
* تجميع المعلومات من المصادر المكتوبة
يستعمل المدقق السجلات الموجودة و المتعلقة بتعداد الأفراد ، بمختلف العطل و الإجازات الممنوحة ، الغياب عن العمل ، الاستقالات المقدمة ، الشكاوي ، محاضر الاجتماعات ، الملفات الفردية و القائمة بمختلف أنواعها ...الخ. يمكن أيضا الاعتماد على بعض الوثائق الأخرى لأنها لا تقل أهمية عن سابقتها كالأنظمة الداخلية، القوائم المقدمة للضمان الاجتماعي، المذكرات، التعليمات الخاصة بالتنظيم الداخلي للمؤسسة كما يمكن للمدقق الاعتماد على تقارير رقابة أو تدقيقات أنجزت سابقا إن وجدت.
* الزيارة الميدانية للمؤسسة
للوقوف على الصورة الحقيقية للمؤسسة لابد على المدقق أن يقوم بزيارة ميدانية للمؤسسة ليقف بنفسه على العوامل المادية المؤثرة ، لأن ما يمكن أن يحمل إلى مسامعه و الحقيقة الفعلية قد يكونان متناقضان ، مما يلزمه التنقل إلى أماكن ممارسة الأعمال من إدارات و مكاتب ، وراشات العمل ، الأروقة و المطاعم ، حظيرة توقف السيارات ، المخازن ، قاعة المطالعة ، قاعات التكوين إن وجدت ، مكاتب النقابة ، و قد يقوم بها برفقة المسؤول الأول عن المؤسسة أو رفقة مدير مصلحة الأفراد حتى يتمكن من طرح الأسئلة التي يمكن أن تتبادر له أثناء ذلك.
للزيارة أهمية كبيرة لأنها قد تشكل أحسن و أفضل إطار مرجعي للمدقق في وضع برنامج التدخل و التعرف على بعض الأخطار و النقائص كحالة المقرات العامة ، الاكتظاظ داخل المكاتب أو الورشات ، وجود منافذ النجدة، وسائل مكافحة الحرائق،الإنارة النظافة و الأمن فكل هذه الأمور تلعب دور مهم في رفع الروح المعنوية لدى الأفراد.
كما أن خلال هذه الزيارات يتمكن المدقق من القيام بجمع الوثائق و تسجيل النقائص و المشاكل الملاحظة و الوقوف عليها بنفسه.
* المقابلات و المحادثات
تعتبر من بين الوسائل المحبذة لدى المدقق الاجتماعي ، حيث يلجأ إليها في أغلب الأحيان ، لان التدقيق هو عملية الاستماع و الإصغاء إلى مختلف أفراد المنظمة .
إن تسيير المحادثة يخضع إلى قدرة المدقق على تسجيل للنقاط المهمة و مقدرته على الاتصال مع المسؤولين و الأفراد مما ينعكس على إحدى مقومات فاعلية التدقيق .
خلال المحادثة و من أجل كسب ثقة الأفراد ، و جعلهم يستجيبون له ،لابد من إتباع الإجراءات التالية :
- إعلام الفرد المقابل بالبرنامج و الهدف من العملية .
- مناشدة مساعدة واقتراحات الفرد .
- مناقشة النتائج المتحصل عليها و طلب المساعدة لإيجاد الحلول المناسبة .
- اختيار وقت المقابلة مسبقا بحيث يكون هذا الوقت مناسب حتى لا يؤدي في تذبذب الأفكار، كأن يكون على سبيل المثال في آخر وقت العمل .
- يجب أن يقوم المدقق بكتابة النقاط المهمة التي تحصل عليها من الاستماع إلى الأفراد، كما إن القدرة على تحصيل المعلومات وتسجيلها ، ترتبط بمهارة المدقق على التحليل و التركيب.
أما أهداف المقابلة فهي الوقوف على الحقائق و استقصاء الدوافع لدى المسؤولين و الأفراد10 .
يمكن القيام بذلك من خلال الاستبيان le Questionnaire الذي من الواجب أن يكون شاملا جامعا، عن طريق طرح الأسئلة ذات الطابع العام و تلك الخاصة بمشاكل المؤسسة نفسها و التي يتم تحليلها من خلال الوثائق المجمعة خلال الزيارة.
يوجه الاستبيان إلى كافة أفراد المؤسسة إذا كانت صغيرة أو إلى عينة من الأفراد إذا كانت مؤسسة كبيرة و لها وحدات متفرعة مع احترام التقنيات الإحصائية لتمثيل العينة للمجتمع.
بعد عملية جمع المعلومات حول الظاهرة يقوم المدقق بفرض الفرضيات الاحتمالية لعلاجها ليتم الحكم على مدى صدق هذه الفروض أو نفي ذلك باستعمال مختلف تقنيات التجليل المتاحة لديه .
2.3. تقنيات تحليل المعلومات
توافق مرحلة اختبار صحة الفروض في المنهج العلمي للبحث أين يتم تحليل و وصف الظواهر و الربط بين المتغيرات التابعة و المتغيرات المستقلة.
تعتبر عملية تحليل المعلومات المجمعة مرحلة ذات أهمية بالغة وواسعة لان من خلالها سوف يتم قياس الظواهر و تسليط الضوء على مواطن القوة و الضعف و مختلف الاختلالات و الانحرافات الممكنة و تحديد درجة خطورتها و تحديد الفرص البديلة ، يمزج فيها المدقق بين المنهج الكمي التحليلي و الوصفي للبيانات الذي يعتمد على أدوات التحليل المختلفة لدراسة صدق الفرضيات كالتقنيات الإحصائية الرياضية و القياسية منها الأشكال والرسومات البيانية 11، يستعمل أيضا الأدوات الخاصة بالتدقيق الاجتماعي كالمؤشرات، الميزانية الاجتماعية إن وجدت ، المعايير و المرجعيات …الخ .
مع تنوع التقنيات الإحصائية و الوصفية وتعددها و كذا تنوع المؤشرات المستعملة يفترض أن يكون المدقق ملما بهذه الأدوات و أن يقوم باختيار التقنيات و المؤشرات الضرورية بما يتناسب مع الوسائل المتاحة لديه والأهداف المسطرة لعملية التدقيق.
* الأشكال البيانية
تعتبر من ابسط أنواع التحليل ، إذ أن المدقق من خلالها يتمكن من أخذ نظرة شاملة عن تطور الظواهر، فمثلا من خلال هرم الخاص بالأعمار ،الجنس مستوى التأطير يتمكن من أخذ صورة واضحة وشاملة عن توزيع أفراد المجتمع حسب السن و حسب الجنس...الخ .
*التحليل باستعمال المؤشرات
يطلق عليها بعض الباحثين في المجال الاجتماعي بمصطلح المزيج الاجتماعي12 Le Mix- Social . حسب ( P. F. Laval et .Halle B, 1994) تعتبر طريقة المزيج الاجتماعي نقطة الالتقاء بالنسبة لمنهجية التدقيق الاجتماعي إذ أن جميع عمليات التدقيق الاجتماعي تستعمله في التحليل و يتمثل أساسا في عملية اختيار المؤشرات القياسية و التمثيلية للممارسات الفعلية لتسيير الموارد البشرية بالاعتماد على الميزانية الاجتماعية و التي تبقى إحدى أهم الوسائل المحبذة من طرف المدققين.
يطلق عليه بعض الباحثين اسم اليقظة الاجتماعية La vielle sociale 13 وهم يرون بأنه يسمح بتسجيل أهمية و مدى تطور بعض الخصائص الأساسية المتعلقة بالظواهر الملاحظة) التوظيف ، الأجور، الحياة الوظيفية ، التأديب ، التكوين ، أوقات العمل، التغيب، دوران العمل، ظروف العمل المادية، التحفيز و حوادث العمل .........الخ(.
يمكن الاستعانة أيضا بمعطيات الميزانية الاجتماعية التي توضح التطور السنوي للمؤشرات بواسطة المؤشرات القياسية فقط بدون أن الإدلاء بالتوضيحات اللازمة للأسباب. ليتمكن المدقق من توضيح مدى خطورة الظاهرة لابد من تدعيمها بتقديم تفسيرات منطقية علمية عملية للأسباب فمثلا دراسة ساعات التغيب يعطي لنا عدد الساعات و لكن لا يحدد لنا الأسباب المساهمة في الظاهرة لذلك لا بد من اللجوء إلى طرق التحليل النظري للظروف الاجتماعية، العائلية، المادية للفرد.
حتى يكون لاستعمال المؤشرات دلالة يجب مقارنتها بقيم معيارية لاستخراج الانحرافات و العملية التي يستعملها المدقق في هذا المجال تعتمد على مبدأين في التحليل:
- الاستقراء: أي استعمال التحليل التجريبي الجزئي و تعميم ذلك على الكل.
- ترجمة المعلومات النوعية إلى كمية من خلال الطرق الإحصائية .
أولا: المؤشرات
يوجد لدى المدققين الاجتماعيين عدد كبير من المؤشرات كل منها يستعمل حسب الظروف لقياس الظواهر . لذلك كان من الضروري فهم طبيعة وشروط عمل المؤشرات لإعطائها التفاسير المنطقية و الصحيحة و يعتمد المؤشر على الهدف المحدد لمهمة التدقيق وهي تستعمل في جميع ميادين تسيير الموارد البشرية وتمس المجالات التالية:
*الخصائص العامة للمؤسسة كمستوى التأطير ، العدد الإجمالي للأفراد ، الأقدمية ، التوزيع على حسب الجنس و السن …الخ .
*التوظيف: هيكل الأفراد، حركة الأفراد و تطورهم، طرق التوظيف، الوظائف المتاحة …الخ.
*الأجور:الحجم الإجمالي للأجور، العلاوات و المنح، المصاريف الخاصة بالأفراد...الخ.
*التكوين والترقية: ميزانية التكوين، نوعية البرامج، المعايير المعتمدة في اختبار نوعية التكوين والمتكونين.
*التصرفات و الحفز : التغيب ، دوران العمل ، حوادث العمل ، اللجان التأديبية ، نوعية الاتصال .
تجدر بنا الإشارة إلى أن هناك عددا هائلا من المؤشرات و عملية اختيارها تتم وفقا للأهداف المسطرة من التدقيق و كذا طبيعة المؤسسات.
ثانيا: المرجعيات والمعايير
إن استعمال المؤشرات لوحدها لا يكفي، وبالتالي كان من اللازم القيام بعمليات مقارنة مع المعايير و المرجعيات من أجل استخراج الانحرافات الممكنة .
إن عملية البحث عن الانحرافات يعتبر قلب عمل المدقق لأن عملية الاستغلال الأمثل و العقلاني تخضع لمبادئ النجاعة و الفعالية لذلك كان من اللازم تحديد المعايير والمرجعيات13 التي تستخرج أساسا من التشريعات، الاتفاقيات، الممارسات، التقنيات المستعملة، أهداف المؤسسة، النماذج النظرية لتسيير الموارد البشرية ولإجراء المقارنات يمكن الاعتماد على:
المقاربة الخارجية في تحديد المعايير.
- القيمة القياسية للمؤشر مع نفس المؤشر في مؤسسات مماثلة .
- قيمة المتوسط القطاعي أو السوقي.
- قيمة المؤشر مقارنة مع المؤسسات الرائدة من نفس القطاع .
إن الاعتماد على المقاربة الخارجية يستلزم شروط وقواعد متساوية في القياس لدى المؤسسات و كمثال على ذلك ظاهرة التغيب لا يكون لها معنى إذا كانت الأسباب المأخوذة بعين الاعتبار ليست نفسها لدى المؤسسات و كذا التغير في الهيكل الخاص بتوزيع الأفراد حسب ) السن و الجنس ، المستوى التأهيلي …الخ ( في كلتا المؤسستين .
أما الاعتماد على المقاربة الداخلية و تتعلق أساسا بتكوين مرجعيات خاصة بذات المنظمة :
- قيمة المؤشر للسنوات السابقة .
- الانحرافات عن النتائج لعمليات تمت خلال سنوات ماضية.
- نتائج التحقيقات الرائدة كتحليل العمل و عمليات خبرة و تدقيقات سابقة.
- الإجراءات الموضوعة والمحددة من طرف المنظمة .
- الأهداف الحقيقية المسطرة .
ينتج عن عمليات المقارنة انحرافات يعبر عليها بمخاطر و تكاليف تتحملها المؤسسة، فالتكلفة معناها كم تضيع المؤسسة من جراء مشكل معين ؟ فالتغيب مثلا يمكن التعبير عنه بالساعات و تكاليف و كذلك استقالة إطار كفء يمكن حساب كم يستلزم من تكاليف للحصول على إطار في نفس مستوى الفرد الذي غادر المنظمة و كذا كم تخسر المؤسسة من رقم الأعمال من جراء خبرته المكتسبة خلال سنوات العمل بالإضافة إلى التكاليف المنفقة عليه للتكوين .
يمكن الاعتماد على حساب التكلفة الإضافية التي تتحملها الميزانية من خلال هذا المشكل، فمثلا تكلفة تعويض عامل بسيط ليست نفسها تكلفة فقدان و تعويض مهندس.
مقارنة الأخطار يؤدي إلى تقييم المشكلات و ترتيبها وفقا لدرجة خطورتها و بالتالي يمكن تحديد أسبابها و الأولويات في علاجها وفقا لمدى خطورتها .
الشكل الموالي يبين الكيفية التي تتم بها عملية المقارنة لمختلف القياسات للنتائج والانحرافات والمعايير التي يستعملها المدقق .
المرجعيات
معايير
ومؤشرات
مشاكل تقدير النتائج
- تكاليف
- أخطار ترتيب المعضلات تشخيص الأسباب
تقييم فعالية التدقيق
متابعة
تنفيذ
توصيات تحديد الإجراءات الواجب اتخاذها
شكل يوضح مقارنة المؤشرات مع المرجعيات، ( P. F. Laval et .Halle B, 1994)
3.3. عرض النتائج وتقديم التوصيات
توافق مرحلة عرض نتائج البحث العلمي وتكتسي مرحلة عرض النتائج هي الأخرى أهمية كبرى باعتبارها ثمرة الأعمال التي قام المدقق بها ، و من خلالها يتم عرض مراحل العمل و تحديد نقاط القوة و نقاط الضعف أي الاختلالات التي لاحظها وشخص أسبابها من خلال مختلف تدخلاته و عرض أسباب هذه الاختلالات و التوصيات و التوجيهات التي قد يدلي بها لعلاج النقائص.
يتم عرض النتائج ضمن ملف يطلق عليه تقرير التدقيق و الهدف منه إعلام المسؤولين و لفت انتباههم إلى ضرورة اتخاذ الإجراءات التصحيحية اللازمة . لذلك و جب الالتزام بمجموعة من شروط الشكل والمضمون في تحريره .
*التقرير النهائي للتدقيق
تكون النهاية الطبيعية لأية مهمة للتدقيق الاجتماعي تحرير التقرير الشامل للعملية، و يتم تسليمه للإدارة أو لطالب عملية التدقيق كأن يكون جهاز الإدارة العامة ، الجمعية العامة للمساهمين أو البنوك، لذا لابد من الالتزام بمبادئ الموضوعية ، الدقة و الوضوح في عملية تحرير .
- إن الدقة لا تعني فقط المصداقية لكن لابد أن يكون التقرير مرتبط بالنقاط الحساسة و الهامة المعينة من طرف المدقق.
- الوضوح يتمثل في إتباع منهج دراسة معين و منطقي بحيث أن القارئ منذ قراءته للتقرير يمكنه من خلال المقدمة معرفة الهدف و المنهج المتبع في المعالجة.
كما أن التقرير يجب أن يكون بناءا و موضوعيا بحيث يتم تحديد مختلف التطورات الممكنة للظواهر، و يكون آني، أي أهميته تظهر من خلال استعماله أي يتم تقديم النتائج للإدارة من أجل اتخاذ التدابير المناسبة في الوقت المناسب لتصحيح الأوضاع.
شكل التقرير فهو يتكون من ما يلي :
-مقدمة : تتضمن نبذة عن المؤسسة و تحديد المضمون الإداري ، القانوني و الاقتصادي الذي تقام فيه المهمة.
-ذكر وبكل صراحة الجهة الطالبة للقيام بالعملية .
-وصف الهدف من التدقيق الاجتماعي .
-تحديد مجال التدقيق الاجتماعي.
-ذكر الظروف المساعدة والمعرقلة للقيام بالمهمة.
-تقييم وتشخيص الوضعية الاجتماعية.
-تقديم التوصيات.
-ملاحق تدعم النتائج.
* التوصيات
تعكس التوصيات بشكل كبير المقدرة المنهجية، العلمية و العملية للمدقق في إعطاء الحلول للمعضلات المعينة ويمكن أن يتوصل إليها المدقق من خلال تتابع المراحل كما يلي:
معاينة معايير أحداث نتائج الأسباب التوصيات
ما هو كائن ما يجب أن يكون ما تم ملاحظته التكلفة و أخطار لماذا حدث الحلول المقترحة
التوصيات لا تكون من تصور ذاتي للمدقق ولكن تكون مبنية على الأسباب الواقعية المشخصة، يمكن أن تطبق التوصيات مباشرة بعد التدقيق أو يتم تطبيقها بعد تحقيقات إضافية أو القيام بتدقيق متخصص لبعض المجالات بطلب من المدقق الاجتماعي.
أخيرا، للإجابة عن الفرضية العامة للتدقيق و إعطاء الحوصلة عن وضعية تسيير الموارد لبشرية يمكن للمدقق أن يستعمل استمارة تعرف باستمارة التشخيص حسب أقطاب المعاينات
استمارة التشخيص حسب أقطاب المعاينات
تقدير الوضعية
النشاط سيئة للغاية سيئة مقبولة حسنة ممتازة
التوظيف
الترقية
التكوين
الأجور و العلاوات
التحفيز
السلوكات السلبية
المشاركة و الاتصال
الجو الاجتماعي العام
4.مساهمة ومكانة التدقيق الاجتماعي ضمن إستراتيجية المؤسسة
منذ وقت كان التخطيط الإستراتيجي للمؤسسة يعتمد الجوانب المالية والمحاسبية، الإنتاجية، التسويقية و التشريعية و ما يترتب عنها من المحيط التنافسي الداخلي و الخارجي، لكن و نظرا للتطور الهام لنظرية المنظمات و طرق التسيير أقتحم مفهوم إدخال الموارد البشرية ضمن تحديد الإستراتيجية الشاملة للمؤسسة باعتبارها المصدر الأساسي للإنتاجية و تحسين النوعية فأصبح عنصرا فاعلا و فعالا في العملية الإنتاجية و لا يمكن تحديد أي هدف دون تحديد الموارد البشرية التي تساهم في تحقيقه و تهيئتها خصيصا لذلك أي أن عملية البناء الاستراتيجي الشامل للمنظمة ليمكن أن تنفصل على بناء استراتيجي خاص بالموارد البشرية لذلك.
إن تنامي المنافسة الدولية و تلاشي للحدود بالمعنى الكلاسيكي و ظهور التجارة الالكترونية مدعمة بالتطور في طرق الإعلام الآلي و الإنترنت ، مما انجر عنه إعادة التفكير بصفة جذرية لرسم الاستراتجيات لان النجاح أصبح يعتمد على قوة الإبداع و الابتكار المستمر للطرق و المناهج الجديدة بالنسبة للمستلزمات الرأسمالية بما فيها الرأسمال البشري ، و تنامت فكرة لدى المسيرين بأنه ليمكن رسم إستراتجية شاملة بالنسبة لمنظماتهم دون الأخذ بعين الاعتبار لأحد المصادر الرئيسية للموارد ألا وهو المورد البشري حيث أن المقدرة على الإبداع لا يقوم بها التطور التكنولوجي و لكن يتعلق أساسيا بنوعية الاستثمار في المجال البشري و ضمان نضرة ديناميكية مرنة لتنمية هذا العنصر لتمكينه من الاستجابة السريعة للتغيرات التي قد تحدث في الوقت المناسب .14
يعتبر التدقيق الاجتماعي وسيلة جد فعالة و إستراتجية مضمونة النتائج و مثبة عمليا من خلال العديد من التطبيقات التي أقيمت قي الدول المتطورة الأوروبية و الأمريكية و استحداث خلايا للتدقيق الاجتماعي بالمؤسسات و مثبة علميا من خلال تطبيقه جنبا إلى جنب مع دراسة علمية في سنة 2001 بأتباع المنهج العلمي للبحث و باستعمال الاختبارات العلمية الممكنة مثل طرق الثبات كإعادة التطبيق ، التجزئة النصفية ، صدق المحكمين ، صدق الاتساق الداخلي و ك² في محاولة لإبراز مدى تطابق المنهجين . فكانت النتائج هامة و توصل البحث إلى تطابق كبيرا جدا في النتائج15 .
للتوصل النتائج المرضية في ما يخص تحسين و رفع فاعلية و كفاءة تسيير الموارد البشرية لابد أن يدمج على التدقيق الاجتماعي في الرؤية الإستراتيجية الاجتماعية للمنظمة والتي تعتبر جزء هام من التخطيط الاستراتجي الشامل للمنظمة وفقا للنموذج التالي :
التدقيق الخارجي التدقيق الداخلي
تشخيص البيئة الخارجية
التهديدات و الفرص تشخيص البيئة الداخلية
نقاط القوة و الضعف
مما استلزم على القادة والمسيرين اللجوء إلى التدقيق الاجتماعي لفحص و تشخيص الصحة الاجتماعية للمؤسسات بالإجابة على الأسئلة التالية:
-ما هي الموارد البشرية اللازمة للمشروع بالكمية و النوعية المناسبة ؟
- ما هي الأخطار و التكاليف الاجتماعية التي تعتبر ثقلا على المؤسسة ؟
- ما هي الأسباب الخفية للإختلالات ؟
- هل الأهداف المتخذة في مجال الأفراد متناسقة مع الأهداف العامة للمؤسسة ؟
هذه الأسئلة تشكل العناصر الأساسية للاستجواب الشامل للتدقيق الاجتماعي و التي تدرج ضمن الإستراتيجية الشاملة للمؤسسة.
الخاتمـــة
نستنتج من البحث المنجز أن التدقيق الاجتماعي يلعب دورا هاما في تنمية وتطوير أداء الموارد البشرية و يمكن أن يشكل بديلا شاملا في عمليات القياس ، التحكم و التنبؤ بما أنه يضع منهج علمي، عملي و استراتيجي متكامل بين أيدي المسيرين، هذا المنهج يعتمد أساسا على منهجية عمل صارمة للوصول إلى تشخيص أسباب الظواهر باستعمال مزيج من التقنيات العلمية و العملية في تجميع المعطيات و تحليلها باستعمال المؤشرات ، المعايير و المرجعيات الصادقة ، للوصول إلى تخفيض المخاطر المحيطة بالمؤسسة و التكاليف الغير مجدية وتدعيم نقاط القوة وانتهاز الفرص المتاحة لها انطلاقا من التوصيات المبنية على حقائق مستمدة من واقع المنظمة .
كما انه يمكن أن يساهم على وجه الخصوص في وضع الخطط و البرامج و رسم الأهداف الإستراتجية في ميدان تسيير الموارد البشرية في المدى القصير و المتوسط و الطويل و يعمل على بلوغها في آجالها المحددة من خلال توفير الوسائل المادية و البشرية المناسبة في الوقت المناسب وقياس مدى تناسقها مع الأهداف المؤسسة الشاملة .
يمكن للمؤسسات الوطنية الاعتماد عليه في قياس فاعلية تسيير مواردها البشرية لأنه يستوجب وضع نظام معلومات سليم و صادق يزود الإدارة في الوقت المناسب بالمعلومات الصادقة حول الوضعية الاجتماعية للمؤسسة ، حتى تتمكن من اتخاذ الإجراءات التصحيحية اللازمة في الوقت المناسب ، يتحقق لها ذلك انطلاقا من استحداث أجهزة لتدعم تسيير الموارد البشرية كخلايا التدقيق الاجتماعي و مصالح مراقبة التسيير ولوح القيادة و دعم هذه المصالح بالمختصتين حتى يعطى لوظيفة تسيير الموارد البشرية البعد الإستراتيجي اللائق كوظيفة رئيسية و إستراتيجية. إضافة إلى ماسبق القيام بتدقيقات دورية خاصة لبعض الأنشطة التي تظهر بها اختلالات جوهرية وعميقة و متابعة دائمة للإجراءات المتخذة.
الهوامش والمراجع
عثمان محمد عثمان: إشكالية القيادة وارتباطها بالشخصية ، مجلة العلوم الاقتصادية و علوم التسيير كلية العلوم الاقتصادية و علوم التسيير جامعة سطيف العدد 05/2005 ص 143
2-J.M.PERETTI et SOUFYANE FRIMOUSSE Audit social, apprentissage
Stratégique des pratiques de GRH et responsabilité sociale.
http://www.lux-ias.lu/PDF/PerettiFrimousse.pdf. du 18/11/2006.
3- J.M.PERETTI : ressources humaines et gestion du personnel, educapole gestion, 1994, P210.
4- P.CANDAU : l’audit social méthodes et techniques pour un management efficace, vuibert gestion, paris .1985, P51.
5- J.M.PERETTI : ressources humaines et gestion du personnel, educapole gestion, 1994, P208.
6- J.M PERETTI et J.L.HACHETTE : Audit social, 1984, P24.
7-HAMID BETTAHAR et MIRAOUI ABDELKARIM Revue des sciences économiques et de gestion Faculté des sciences économiques et de gestion Université de SETIF N°02/2005 P 45.
8- J.M PERETTI et J.L.HACHETTE : Audit social, 1984, P25.
9- Autona j-p: audit social et conformité, Dalloz, paris.1993 P 3.
10- عبد القادر محمود رضوان : سبع محاضرات في منهجية البحث العلمي ، ديوان المطبوعات الجامعية ، 1990 ص 84.
11- عبد القادر محمود رضوان: المرجع السابق ص 95.
12-LAVAL F et H MAHE DE BOISLANELLE :l’audit social , do*****ent de lecture , IGS ANNABA , 1994 , p 144.
13- PICARD .D : la vielle sociale, vuibert gestion 1991, P09.
14 – LASARY : la stratégie des entreprise, 2006, p 06.
15- سكاك مراد : نحو نموذج للتدقيق الاجتماعي ، رسالة ماجستير في العلوم الاقتصادية، كلية العلوم الاقتصادية وعلوم التسيير جامعة سطيف 2001 غير منشورة.
نشر بتاريخ 17-07-2009