الثورة الصناعية
في نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر ظهرت الثورة الصناعية نتيجة اكتشاف قوة البخار واستخدامه في الصناعة، وترتب على هذه الثورة تحول العمل اليدوي إلى عمل ميكانيكي، أي حلة الآلة الميكانيكية محل اليد البشرية، وتحول دكان الحرفة أو الورشة الملحقة بالمنزل إلى مصنع قائم بذاته، وتحول الشعب الأوروبي من مجتمع زراعي إلى مجتمع صناعي، وتحولت الحياة من الريف إلى الحضر.
كانت بداية الثورة في بريطانية لعدة عوامل:
كانت تمتلك كميات كبيرة من المواد الطبيعية كالفحم والحديد، وبقية المواد الخام كانت تستوردها من مستعمراتها.
امتلاكها لأسواق محلية واسعة وأسواق خارجية في مستعمراتها.
وجود شبكة مواصلات حديثة داخلياً وأسطولاً بحرياً قوياً يصل إلى مستعمراتها.
أدى استعمال الآلات الميكانيكية إلى زيادة الإنتاج وبالتالي اتسعت الأسواق، وأصبح إنتاج السلع ليس مقتصرا على إشباع حاجيات الناس فقط وإنما من أجل الربح أيضاً، وظهر بين المنتج والمستهلك شخص أخر هو الموزع.
الثورة الصناعية الثانية لثورة التكنولوجية:
في منتصف القرن العشرين بعد الحرب العالمية الثانية بدأ معدل التغير والتطور يزداد بسرعة هائلة تفوق بمراحل ما حدث في الثورة الصناعية الأولى، ويتمثل هذا التغيير فيما يسمى الآلية في الإنتاج وذلك باستعمال أجهزة إلكترونية، حيث حلت الآلة محل جزء كبير من العمل الذهني أو الفكري.
وترتب على استعمال الآلات الأوتوماتيكية زيادة الإنتاج إلى حد تعجز الأسواق عن امتصاصها، مما جعل الدول الصناعية تفتح أسواق جديدة في الدول النامية فترتب عليه موت التجارة الحرة وظهر اقتصاد مبني على التوسع والاستغلال عرف بالاقتصاد العالمي.
تكوين المدينة وتأثيره على ظروف المعيشة بها
المساكن:
إذا نظرنا إلى مسطح أي مدينة يتبين أن جزءا كبيرا منه تشغله المساكن على شكل مجموعات وأحياء مبعثرة على أطرافها, ويجب أن يكون المسكن محققا لحد أدنى من رغبات الإنسان وان يكون الوسط المحيط به صحيا.
أماكن العمل:
كانت مواقع المصانع والمصالح الحكومية والأعمال والتجارة لا يتفق ووظيفتها وطبيعتها ومصلحة سكان المدينة، بل أسندت في أماكنها بدون أي نظام.
المرور:
ومن خلاله يتضح فشل المدينة بدرجة ملموسة بسبب تكوين المدينة ذاتها وللأسباب التالية:
التوزيع الغير منتظم لجميع عناصر المدينة.
شبكة الطرق الموجودة بالمدينة إما أنها طرق ضيقة متعرجة أو أنها مستقيمة شبكية أو إشعاعية، وعند ظهور السيارات لم تفي هذه الطرق بالوظيفة المطلوبة منها وزاد عجزها عن مجابهة المرور بسبب ضيقها ونتيجة لكثرة التقاطعات ويوجد في كل شارع جميع أنواع المرور (المرور الطولي، والمرور المحلي، والمشاة، وجميع أنواع وسائل النقل)، وكثير من الشوارع ذات المرور الكثيف تقطع وحدة المناطق السكنية والتجارية.
1- البناء المباشر على طول الشارع يسبب اختناق المرور بسبب وجود سيارات منتظرة على جانبي الطريق.
أماكن الترفيه:
بسبب النمو المتزايد للمدينة ضاعت المسطحات الخضراء وبالتالي عانت المدينة نقصا في أماكن الترفيه.
الظروف المناسبة للمعيشة:
أن يحقق المسكن الحد الأدنى من رغبات الإنسان واحتياجاته، وأن يكون الوسط المحيط بالمسكن صحياً.
أن يكون مكان العمل صالحاً للغرض الذي يؤدي به حتى يقبل الإنسان على العمل منشرحاً نشيطاً.
أن يكون الوصول بين المسكن والمعمل سهلاً وأمناً.
توفر قسط من الخدمات والمرافق العامة للترويح عن النفس.
خصائص المساكن في العصر الصناعي:
تتميز بمجموعة من الخصائص تتمثل في:
جزء كبير (حوالي 40%) من المدينة تشغله المساكن على شكل مجموعات مبعثرة على كل أجزائها.
نتيجة التزايد السكاني الكبير صارت معظم الأحياء السكانية مكتظة بالسكان.
معظم المساكن تنقصها التمتع بالقسط الضروري من الهواء والشمس ووجود حديقة وتوفر الهواء والهدوء والخصوصية، وتوفر عدد الحجرات الكافية لعدد السكان.
محاولات الإصلاح في القرن التاسع عشر والعشرين:
1- المشروعات التقدمية في القرن التاسع عشر :
ظهرت في القرن التاسع عشر مشاريع لم ينفذ منها إلا القليل وكانت عبارة عن مجموعات سكنية تتخللها مسطحات خضراء ومزودة ببعض الخدمات العامة الضرورية.
2- محاولات الإصلاح في الاتجاه التجميلي:
بدأت بظهور كتاب القواعد الفنية لتخطيط المدن تأليف المهندس النمساوي Camillositle 1889 والذي يعتبر نقطة التحول في تاريخ تخطيط المدن الحديثة حيث قدم بعض التوجيهات وهي :
ضرورة العدول عن المعالجة السطحية التقليدية للمدن.
الدعوة إلى ضرورة ربط المباني في علاقة توافقية عضوية.
تصميم الشوارع والميادين على اعتبار أنها حيز هو في حد ذاته عنصر من عناصر المدينة.
3- محاولات إصلاح التكوين الانتفاعي للمدينة وتنظيمها لتحسين الظروف المعيشية لسكانها.
وتنقسم إلى قسمين :
1-حركة ال Garden City وما تبعها .
2-تخطيطات نظرية لتنظيم المدن.
حركة garden - city
(مدينة الغد الحدائقية)
نشوء الفكرة:
في نهاية القرن 19 ظهر في إنجلترا كتاب هاورد (haward) والذي أسماه الغد (tomorrow) نادى فيه بفكرة جديدة لتخطيط المدن وهي بنائها من جديد على أساس جديد وقد بنى فكرته على تساؤل: المدينة والقرية أي هذين التكوينين يمكن أن يوفر للإنسان ظروف الحياة الكاملة ؟
وقد وصل إلى أن لكل منهما عيوبه ومزاياه واستخلص من ذلك أن الحياة اللائقة لا تتوفر إلا في ظروف تجتمع فيها مزايا المدينة والقرية وتنتفي فيها عيوبهما.
وعلى ضوء ذلك اقترح إنشاء مدينة جديدة لتحقيق هذا الغرض اسماها مدينة الغد الحدائقية the garden - City of tommorrow.
فكرة مشروع (Garden - City):-
صنف هاورد المدينة لأن تكون مدينة للحياة السليمة والصناعية وقال أنه لا يراد منها أن تكون مستعمرة سكنية مغلقة، ولكن مدينة كاملة العناصر يسكنها عدد معين من السكان لا يزيد ولا يقل عن عدد يكفل بها حياة اجتماعية كاملة.
وقد حدد لها الشروط التالية:-
أن تكون الأرض ملك لسكانها بالاشتراك.
حدد عدد سكانها بنحو 32 ألف نسمة.
إذا احتاج الأمر إلى إسكان أكثر من هذا العدد يكون ذلك بإنشاء مدينة مركزية يسكنها نحو 58 ألف نسمة.
يحيط بالمدينة المركزية المدن الصغرى (Garden - City).
ترتبط المدينة المركزية بالمدن المحيطة بواسطة شبكة دائرية من السكة الحديدية وشبكة إشعاعية من الطرق.
يحيط بكل مدينة المزارع والأراضي الطبيعية (للربط بين المدينة والريف).
مصادر ارتزاق السكان تنقسم إلى نوعين:
أ- الصناعة الموجودة في تخطيط مدينة الغد الحدائقية.
ب- الزراعة الموجودة في الحقول المحيطة بالمدينة.
مما سبق يتضح أن هذه المدينة توفر للسكان كل احتياجاتهم دون الحاجة إلى الانتقال من المدينة، فالسكن موجود والعمل موجود والطبيعة موجودة.
المدن التابعة
نشوء الفكرة:-
بعد ظهور نظرية مدينة الغد الحدائقية وبداية تنفيذها ظهرت بعض التغييرات والتطويرات سعياً في الحصول على أفضل وضع ولإيجاد الراحة التامة للسكان ونتيجة لذلك ظهرت نظرية المدن التابعة حيث تم فيها فصل حركة العمل عن حركة السكان.
الفكرة:
إنشاء مدينة خاصة بالصناعة والعمل فقط تحيط بها مدن أخرى للحياة الاجتماعية والسكن. ونتيجة لهذه الفكرة تم الوصول إلى النقاط التالية:
حول مدينة صناعية قائمة وفي نطاق دائرة نصف قطرها 15كم يتم إنشاء المدن التابعة.
عدد سكان كل مدينة يتراوح بين 3000-10000نسمة مخصصة للسكن.
تحيط بكل مدينة مناطق خالية زراعية تفصل المدينة عن المدن التابعة المجاورة وعن المدينة المركزية.
تركيز كافة أنواع الصناعة في المدينة المركزية فقط.
وقد ترتب على جعل الصناعة في المدينة المركزية:
تزايد الضغط على شبكة ا لطرق نحو المدينة المركزية لأن أوقات الذهاب والخروج من العمل واحدة لكافة السكان في كل المدن التابعة.
صارت المدن التابعة تقتصر في الوظيفة على النوم فقط لأن السكان في غير ذلك يكونون في المدينة المركزية للعمل، ونتيجة لهذا يلاحظ أن المدن التابعة قد مرت بثلاث مراحل للتطور هي:-
أ- الجيل الأول (مدن النوم):- وهي المرحلة الأولى حيث كانت تعتمد اعتماد كامل على المدينة الأم (المركزية) في كل أعمالها واحتياجاتها، أما المدن التابعة فكانت للنوم فقط.
ب- الجيل الثاني:- وفيه انتقلت نوع من الصناعة الخفيفة إلى المدينة التابعة لأجل إيجاد نوع من الحركة والحيوية للمدينة مع الاعتماد على المدينة الأم في الصناعة الرئيسية.
جـ- الجيل الثالث: وفيه توفرت في المدينة كافة احتياجاتها من صناعة وخدمات وغيره وأصبحت مستقلة بذاتها في كافة احتياجاتها ومتطلباتها.